قصص الانبياء قصه سيدنا ادم عليه السلام
كيف خلق آدم عليه السلام
سيدنا آدم عليه السلام هو أبو البشر وأول إنسان خلقه الله تعالى، فهو أول النوع البشري الذي فضله الله على سائر أنواع المخلوقات، فهو أفضل من النوع الملائكى وأفضل من النوع الجني.
وكان خلقه عليه السلام في الجنة اخر ساعة من يوم الجمعة من الأيام الست التي خلق الله فيها السموات والأرض كما جاء في حديث مسلم، وروى مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق ادم)).
شاء الله سبحانه وتعالى بمشيئته الأزلية التي لا تتبدل ولا تتغير وجود ادم عليه السلام فأبرزه بقدرته من العدم إالى الوجود. فقد أمر الله تعالى ملكا من ملائكته الكرام أن يأخذ من جميع أنواع تراب الأرض التي نعيش عليها ليخلق منه ادم عليه السلام، فأخذ هذا الملك من جميع أنواع تراب الأرض من أبيضها وأسودها وما بين ذلك، ومن سهلها وحزنها أي قاسيها وما بين ذلك،ومن طيبها ورديئها ومما هو بين ذلك.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إن الله قبض قبضة من الأرض من أبيضها وأسودها وما بين ذلك، ومن طيبها ورديئها وما بين ذلك فجاء ذرية ءادم على قدر ذلك)) رواه ابن حبان وغيره، وعند أحمد ((فجاء بنو ادم على قدر الأرض، فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك، والسهل والحزم وبين ذلك، والخبيث والطيب وبين ذلك)).
أي جاءت أحوال وألوان ذرية ادم عليه السلام مختلفة بسبب هذا التراب المختلف الذي خُلق منه آدم عليه الصلاة والسلام.
قيل سمي آدم بهذا الاسم لأنه من أديم الأرض.
[معنى قول الرسول إن الله خلق آدم على صورته]
يجوز أن يكون معنى هذا الحديث: ((إن الله خلق آدم على صورته)) أي على صورة آدم الأصلية التي خلقه الله عليها طوله ستون ذراعاً وعرضه سبعة أذرع فيكون الضمير في((صورته))عائداً إلى ءادم عليه السلام، ويجوز أن يكون الضمير في ((صورته)) عائداً إلى الله فيكون التقدير على الصورة التي خلقها الله وجعلها مشرفة مكرمة، وتسمى هذه الاضافة إضافة الملك والتشريف لا إضافة الجزئية كإضافة الكعبة إلى نفسه كقول الله تعالى لإبراهيم وإسماعيلأنَ طَهِراَ بَيتِيَ)اية125 ،لأن الله سبحانه وتعالى لا يوصف بالجسمية والجزئية فليس هو أصلاً لشىء ولا هو فرعاً عن شىء ولا يتحيز في جهة ومكان لأن التحيز للجسم اللطيف والكثيف.
[الخلقة التي خلق عليها سيدنا آدم]
خلق الله سيدناءادم جميل الشكل والصورة وحسن الصوت لأن جميع أنبياء الله الذين بعثهم الله لهداية الناس كانوا على صورة جميلة وشكل حسن وكذلك كانوا جميلي الصوت، قال صلى الله عليه وسلم( ما بعث الله نبيا إلا حسن الوجه حسن الصوت وإن نبيكم إحسنهم وجها وأحسنهم صوتا)).
ولقد كان طول سيدنا ادم عليه الصلاة والسلام ستين ذراعاً شبهه رسول الله في الطول بالنخلة السحُوق، فلما خلقه الله قال: اذهب فسلم على أولئك - نفر من الملائكة جلوس - فاستمع ما يُحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله. وكل من يدخل الجنة يكون على صورة ءادم في الطول فقد ورد في مسند الإمام أحمد بإسناد حسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أهل الجنة يدخلون الجنة على خلق ادم ستين ذراعاً في عرض سبعة أذرع.
روى الإمام أحمد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم((إن الله عز وجل لما صور ادم تركه ما شاء الله أن يتركه فجعل إبليس يُطيف به فلما راه أجوف عرف أنه خلق لا يتمالك))، وعند أبي يعلي(فكان إبليس يمر به فيقول:لقد خلقت لأمر عظيم)).
ففي هذا الحديث الصحيح دليل على أن إبليس كان في الجنة لما خلق ادم وذلك قبل أن يكفر لأنه كان مسلما يتعبد مع الملائكة ولم يكن منهم من حيث الجنس والأصل لأن الملائكة أصلهم النور وإبليس أصله من مارج من نار أي لهب النار، وفيه أن إبليس كان يدور حول هيكل ادم وذلك قبل أن ينفخ فيه الروح فرءاه أجوف أي شيئا غير مصمت بل له جوف، فعرف أنه خلق لا يتمالك أي ليس كالملائكة ولا كالجمادات بل هو أضعف من ذلك.
ومن الكذب الظاهر ما شاع من نظرية ابتدعها بعض الكفار وهي أن أصل البشر قرد أو يشبه القرد وهذا فيه تكذيب
لقوله تعالى:فسيدنا ادم عليه الصلاة والسلام هو أول إنسان خلقه الله تبارك وتعالىولم يكن أصله قرداً ثم ترقى حتى صار إنساناًفنظرية داروين التي تقول إن الإنسان أصله قرد ثم ترقى بسبب العوامل المجهولة حتى صار هذا الإنسان، هي نظرية باطلة لا تقوم على أساس علمي وتردها دلائل النقل وإن تلقفها المفتونون بكل جديد ولو كان سخيفاً باطلا.
وما جاء في القرءان من مسخ بعض اليهود قردة وخنازير فهو حالة نادرة جعلها الله تبارك وتعالى عذابا لليهود الذين اعتدوا في السبت وعصوا الله تبارك وتعالى وموعظة وعبرة للمتقين، قال الله تبارك وتعال في كتابه الحكيم: .
على أن أولئك الذين مسخهم الله تبارك وتعالى قردة لم يعيشوا طويلا بل عاشوا ثلاثة أيام ثم ماتوا ولم يتركوا نسلا من جنس ما مسخوا إليه.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم((حاج موسى ادم عليهما السلام فقال له: أنت الذي أخرجت الناس بذنبك من الجنة وأشقيتهم، قال ادم: يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه، أتلومني على أمر قد كتبه الله علي قبل أن يخلقني؟))قال صلى الله عليه وسلم ((فحج ءادمُ موسى)).
وأخرجاه أيضاً في الصحيح من طريق اخر وأحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم((احتج ادمُ وموسى، فقال له موسى: أنت ادم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة؟ فقال له ادمُ: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه ثم تلومني على أمر قد قدر علي قبل أن أُخلق؟)) قال صلى الله عليه وسلم ((فحج ادمُ موسى)).
وأخرجاه أيضاً في الصحيح من طريق اخر وأحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((احتج ادمُ وموسى فقال موسى: يا ادم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة فقال له ءادم: أنت موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟)) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فحج ادمُ موسى، فحج ادمُ موسى)).
وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((احتج ادمُ وموسى عليهما السلام عند ربهما فحج ادمُ موسى، قال موسى: أنت ادمًُ الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته وأسكنك في جنته، ثم أهبطتَ الناس يخطيئتك إلى الأرض؟، قال ادم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه، وأعطاك الألواح فيها تبيانُ كلّ شىء، وقربك نجيا فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أُخلق؟ قال موسى: بأربعين عاماً، فقال ادمُ: فهل وجدت فيها قال: نعم، قال: أفتلومُوني على أن عملتُ عملا كتبه الله علي أن أعمله قبل أن يخلقني بلأربعين سنة؟)) قال صلى الله عليه وسلم: ((فحج ادمُ موسى))، ورواه بنحوه ابن أبي حاتم.
وروى أبو داود في سننه وأبو يعلى في مسنده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن موسى قال: يا رب أرنا ادم الذي أحرجنا ونفسهُ من الجنة، فأراه الله ءادم فقال: أنت ابونا ادم؟ فقال له ادم: نعم، قال: أنت الذي نفخ الله فيك من روحه وعلمك الأسماء كلها وأمر الملائكة فسجدوا لك؟ قال: نعم، قال: فما حملك على أن أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ قال له ادم: ومن أنت؟ قال: أنا موسى، قال: أنت نبي بني إسرائيل الذي الذي كلمك الله من وراء الحجاب ولم يجعل بينك وبينه رسولا من خلقه؟ قال: نعم، قال: أفما وجدت أن ذلك كان في كتاب الله قبل أن أثخلق؟ قال: نعم، قال: فيم تلومني في شىء سبق من الله تعالى فيه القضاء قبلي؟ قال رسول الله عند ذلك: فحج ادم موسى، فحج ادم موسى)).
قال الإمام احمد : حدثنا يحيى ومحمد بن جعفر ، حدثنا عوف ، حدثني قسامة بن زهير، عن أبي موسى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم (( ان الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض ، فجاء منهم الأبيض و الأحمر و الأسود وبين ذلك ، والخبيث و الطيب ، والسهل و الحزن وبين ذلك ))
قال ابن حبان في صحيحه : حدثنا الحسن بن سفيان ، حدثنا هدبة بن خالد ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن انس بن مالك ، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( لما نفخ في آدم فبلغ الروح رأسه عطس ، فقال : الحمد لله رب العالمين ، فقال له تبارك وتعالى : يرحمك الله ))
عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لما خلق الله آدم مسح ظهرة ، فسقط من ظهرة كل نسمة هو خالقها من ذريته الى يوم القيامة ، وجعل بين عيني كل انسان منهم وبيصا من نور ، ثم عرضهم على آدم فقال: اي رب من هؤلاء؟ قال : هؤلاء ذريتك، فراى الرجل فأعجبه وبيص ما بين عينه ، فقال : اي رب من هذا ؟ فقال : هذا رجل آخر الأمم من ذريتك يقال له داود ، قال : رب وكم جعلت عمره؟ قال : ستين سنه ، قال : أي رب زده من عمري أربعين سنه . فلما انقضى عمر آدم جاءه ملك الموت ، قال : او لم يبق من عمري اربعون سنه؟ قال : أو لم تعطها ابنك داوود؟ قال : فجحد فجحدت ذريته ، ونسي آدم فنسيت ذريته ، وخطئ آدم فخطئت ذريته ))
قال الإمام أحمد في مسنده : حدثنا الهيثم بن خارجة ، حدثنا ابو ربيع عن يونس بن ميسرة ، عن أبي ادريس ، عن أبي الدرداء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( خلق الله آدم حين خلقه فضرب كتفه اليمنى، فأخرج ذريه بيضاء كأنهم الدر، وضرب كتفه اليسرى فأخرج ذريه سوداء كأنهم الحمم، فقال للذي في يمينه : الى الجنة ولا أبالي ، وقال للذي في كتفه اليسرى: الى النار ولا أبالي))
عن ابي هريرة رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا، ثم قال : اذهب فسلم على اولئك النفر من الملائكه، فاستمع ما يجيبونك، فإنها تحيتك وتحيه ذريتك، فقال: ا لسلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمه الله، فزادوه ورحمة الله، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم، فلم يزل الخلق ينقص منه حتى الآن))
عن ابي هريرة رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( واذا اقرأ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويله، أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار ))
ذكر ابن جرير عن ابن عباس: ان الله قال: يا آدم إن لي حرما بحيا عوشي، فانطلق فابن لي فيه بيتا، فطف به كما تطوف ملائكتي بعرشي، وأرسل الله له ملكا فعرفه مكانه وعلمه المناسك، وذكر ان موضع كل خطوة خطاها آدم صارت قربة بعد ذلك
وعنه ايضا قال: ان اول طعام أكله آدم في الأرض، ان جاءه جبريل بسبع حبات من حنطة، فقال: ما هذا؟ قال: هذا من شجرة التي نهيت عنها فأكلت منها، فقال: وما اصنع بهذا؟ قال: ابذره في الأرض، فبذره، وكان كل حبة منها زنتها أزيد من مائة الف، فنبتت فحصده، ثم درسه ثم ذراه، ثم طحنه ثم عجنه ثم خبزه، فأكله بعد جهد عظيم وتعب ونكد، وكان أول كسوتهما من شعر الضأن: جزاه ثم غزلاه، فنسج آدم له جبة، ولحواء درعا و خمارا، واختلفوا: هل ولد لهما بالجنة شيئ من الاولاد؟ فقيل: لم يولد لهما إلا في الأرض، وقيل: بل ولد فيها، فكان قابيل وأخته ممن ولد بها. والله اعلم.
وذكروا انه كان يولد له في كل بطن ذكر وانثى، وأمر أن يزوج كل ابن أخت أخيه التي ولدت معه، و الآخر بالآخرى وهلم جرا، ولم يكن تحل أخت لأخيها الذي ولدت معه
قال الله -تعالى-:{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ * فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [المائدة:27-31].
وقوله لما توعده بالقتل: {لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [المائدة:28] دل على خلق حسن، وخوف من الله -تعالى-، وخشية منه، وتورع أن يقابل أخاه بالسوء الذي أراد منه أخوه مثله.
ولهذا ثبت في «الصحيحين» عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: «إذا تواجه المسلمان بسيفيهما؛ فالقاتل والمقتول في النار».
قالوا: يا رسول الله! هذا القاتل؛ فما بال المقتول ؟! قال: «إنه كان حريصاً على قتل صاحبه».
وقوله: {إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} [المائدة:29]؛ أي: إني أريد ترك مقاتلتك- وإن كنت أشد منك وأقوى- إذ قد عزمت على ما عزمت عليه.
{تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ}؛ أي: تتحمل إثم قتلي مع ما لك من الآثام المتقدمة قبل ذلك؛ قاله مجاهد والسدي وابن جرير وغير واحد.
وليس المراد أن آثام المقتول تتحول بمجرد قتله إلى القاتل؛ كما قد توهمه بعض الناس؛ فإن ابن جرير حكى الإجماع على خلاف ذلك.
وأما الحديث الذي يورده بعض من لا يعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قال: « ما ترك القاتل على المقتول من ذنب»؛ فلا أصل له، ولا يعرف في شيء من كتب الحديث بسند صحيح ولا حسن ولا ضعيف أيضاً
ولكن قد يتفق في بعض الأشخاص يوم القيامة أن يطالب المقتول القاتل؛ فتكون حسنات القاتل لا تفي بهذه المظلمة؛ فتحول من سيئات المقتول إلى القاتل؛ كما ثبت به الحديث الصحيح في سائر المظالم، والقتل من أعظمها. والله أعلم.
عن سعد بن أبي وقاص: أنه قال عند فتنة عثمان بن عفان: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنها ستكون فتنة: القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الساعي ».
قال: أفرأيت إن دخل علي بيتي فبسط يده إلي ليقتلني؛ قال: «كن كابن آدم»
عن حذيفة بن اليمان مرفوعاً، وقال: «كن كخير ابني آدم»
وأما الآخر؛ فقد قال ابن مسعود: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقتل نفس ظلماً؛ إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها؛ لأنه كان أول من سن القتل»
وبجبل قاسيون شمالي دمشق مغارة يقال لها: مغارة الدم، مشهورة بأنها المكان الذي قتل قابيل أخاه هابيل عندها، وذلك مما تلقوه عن أهل الكتاب؛ فالله أعلم بصحة ذلك
وقوله -تعالى-:{فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [المائدة:31].
ذكر بعضهم: أنه لما قتله؛ حمله على ظهره ولم يزل كذلك حتى بعث الله غرابين، فتقاتلا؛ فقتل أحدهما الآخر، فلما قتله؛ عمد إلى الأرض يحفر له فيها، ثم ألقاه ودفنه وواراه؛ فلما رآه يصنع ذلك؛ {قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [المائدة:31]؛ ففعل مثل ما فعل الغراب؛ فواراه ودفنه.
وقد ذكر : أن قابيل عوجل بالعقوبة يوم قتل أخاه، تنكيلاً به، وتعجيلاً؛ لذنبه وبغيه وحسده لأخيه؛ لأبويه.
وقد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه قال: « ما من ذنب أجدر أن يجعل الله عقوبته في الدنيا مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم»
ثم انتشر الناس بعد ذلك وكثروا، وامتدوا في الأرض ونموا؛ كما قال -تعالى-:{يأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1].
ومعنى شيث: هبة الله، وسمياه بذلك لأنهما رزقاه بعد أن قتل هابيل.
قال أبو ذر في حديثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الله أنزل مائة صحيفة وأربع صحف، على شيث خمسين صحيفة» .
قال مُحَمْد بن إسحاق: ولما حضرت آدم الوفاة عهد إلى ابنه شيث وعلمه ساعات الليل والنهار، وعلمه عبادات تلك الساعات، وأعلمه بوقوع الطوفان بعد ذلك.
قال: ويقال أن أنساب بني آدم اليوم كلها تنتهي إلى شيث، وسائر أولاد آدم غيره انقرضوا وبادوا. والله أعلم.ولما توفي آدم عليه السلام - وكان ذلك يوم الجمعة - جاءته الملائكة بحنوط، وكفن من عند الله عز وجل من الجنَّة، وعزوا فيه ابنه ووصيه شيثاً عليه السلام. قال ابن اسحاق: وكسفت الشمس والقمر سبعة أيام بلياليهن.
وقد قال عبد الله ابن الإمام أحمد: حَدَّثَنا هدبة بن خالد، حَدَّثَنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن، عن يحيى - هو ابن ضمرة السعدي - قال: رأيت شيخاً بالمدينة يتكلم فسألت عنه فقالوا هذا أُبَيّ بن كَعب، فقال: إن آدم لما حضره الموت قال لبنيه: أي بني، إني أشتهي من ثمار الجنَّة. قال: فذهبوا يطلبون له، فاستقبلتهم الملائكة ومعهم أكفانه وحنوطه، ومعهم الفؤوس والمساحي والمكاتل، فقالوا لهم: يا بني آدم ما تريدون وما تطلبون؟ أو ما تريدون وأين تطلبون؟ قالوا: أبونا مريض واشتهى من ثمار الجنَّة، فقالوا لهم: ارجعوا فقد قضي أبوكم. فجاءوا فلما رأتهم حَوَّاء عرفتهم فلاذت بآدم، فقال: إليك عني فإني إنما أتيت من قبلك، فخلي بيني وبين ملائكة ربي عز وجل. فقبضوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه، وحفروا له ولحدوه وصلوا عليه ثم أدخلوه قبره فوضعوه في قبره، ثم حثوا عليه، ثم قالوا: يا بني آدم هذه سنتكم. إسناد صحيح إليه.
وروى ابن عساكر من طريق شيبان بن فروخ، عن مُحَمْد بن زياد، عن ميمون بن مهران، عن ابن عبَّاس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كبرت الملائكة على آدم أربعاً، وكبر أبو بكر على فاطمة أربعاً، وكبر عمر على أبي بكر أربعاً، وكبر صهيب على عمر أربعاً» .
قال ابن عساكر: ورواه غيره عن ميمون فقال عن ابن عمر.
واختلفوا في موضع دفنه: فالمشهور أنه دفن عند الجبل الذي أهبط عليه في الهند، وقيل بجبل أبي قبيس بمكة. ويقال إن نوحاً عليه السلام لما كان زمن الطوفان حمله هو وحَوَّاء في تابوت، فدفنهما ببيت المقدس. حكى ذلك ابن جرير.
وروى ابن عساكر عن بعضهم أنه قال: رأسه عند مسجد إبراهيم ورجلاه عند صخرة بيت المقدس. وقد ماتت بعد حَوَّاء بسنة واحدة.
واختلف في مقدار عمره عليه السلام: فقدمنا في الحديث عن ابن عبَّاس وأبي هريرة مرفوعاً: أن عمره اكتتب في اللوح المحفوظ ألف سنة.
وهذا لا يعارضه ما في التوراة من أنه عاش تسعمائة وثلاثين سنة، لأن قولهم هذا مطعون فيه مردود، إذا خالف الحق الذي بأيدينا مما هو المحفوظ عن المعصوم.
وأيضاً فإن قولهم هذا يمكن الجمع بينه وبين ما في الحديث: فإن ما في التوراة - إن كان محفوظاً - محمول على مدة مقامه في الأرض بعد الإهباط، وذلك تسعمائة سنة وثلاثون سنة شمسية، وهي بالقمرية تسعمائة وسبع وخمسون سنة، ويضاف إلى ذلك ثلاث وأربعون سنة مدة مقامه في الجنَّة قبل الإهباط على ما ذكره ابن جرير وغيره، فيكون الجميع ألف سنة.
وقال عطاء الخراساني: لما مات آدم بكت الخلائق عليه سبع أيام. رواه ابن عساكر.
فلما مات آدم عليه السلام قام بأعباء الأمر بعده ولده شيث عليه السلام وكان نبياً بنص الحديث الذي رواه ابن حبان في «صحيحه» ، عن أبي ذر مرفوعاً أنزل عليه خمسون صحيفة.
فلما حانت وفاته أوصى إلى أبنه أنوش فقام بالأمر بعده، ثم بعده ولده قينن ثم من بعده ابنه مهلاييل - وهو الذي يزعم الأعاجم من الفرس أنه ملك الأقاليم السبعة، وأنه أول من قطع الأشجار، وبنى المدائن والحصون الكبار، وأنه هو الذي بنى مدينة بابل ومدينة السوس الأقصى وأنه قهر إبليس وجنوده وشردهم عن الأرض إلى أطرافها وشعاب جبالها وأنه قتل خلقاً من مردة الجن والغيلان، وكان له تاج عظيم، وكان يخطب الناس ودامت دولته أربعين سنة.
فلما مات قام بالأمر بعده ولده يرد فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ولده خنوخ، وهو إدريس عليه السلام على المشهور.
كيف خلق آدم عليه السلام
سيدنا آدم عليه السلام هو أبو البشر وأول إنسان خلقه الله تعالى، فهو أول النوع البشري الذي فضله الله على سائر أنواع المخلوقات، فهو أفضل من النوع الملائكى وأفضل من النوع الجني.
وكان خلقه عليه السلام في الجنة اخر ساعة من يوم الجمعة من الأيام الست التي خلق الله فيها السموات والأرض كما جاء في حديث مسلم، وروى مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق ادم)).
شاء الله سبحانه وتعالى بمشيئته الأزلية التي لا تتبدل ولا تتغير وجود ادم عليه السلام فأبرزه بقدرته من العدم إالى الوجود. فقد أمر الله تعالى ملكا من ملائكته الكرام أن يأخذ من جميع أنواع تراب الأرض التي نعيش عليها ليخلق منه ادم عليه السلام، فأخذ هذا الملك من جميع أنواع تراب الأرض من أبيضها وأسودها وما بين ذلك، ومن سهلها وحزنها أي قاسيها وما بين ذلك،ومن طيبها ورديئها ومما هو بين ذلك.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إن الله قبض قبضة من الأرض من أبيضها وأسودها وما بين ذلك، ومن طيبها ورديئها وما بين ذلك فجاء ذرية ءادم على قدر ذلك)) رواه ابن حبان وغيره، وعند أحمد ((فجاء بنو ادم على قدر الأرض، فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك، والسهل والحزم وبين ذلك، والخبيث والطيب وبين ذلك)).
أي جاءت أحوال وألوان ذرية ادم عليه السلام مختلفة بسبب هذا التراب المختلف الذي خُلق منه آدم عليه الصلاة والسلام.
قيل سمي آدم بهذا الاسم لأنه من أديم الأرض.
[معنى قول الرسول إن الله خلق آدم على صورته]
يجوز أن يكون معنى هذا الحديث: ((إن الله خلق آدم على صورته)) أي على صورة آدم الأصلية التي خلقه الله عليها طوله ستون ذراعاً وعرضه سبعة أذرع فيكون الضمير في((صورته))عائداً إلى ءادم عليه السلام، ويجوز أن يكون الضمير في ((صورته)) عائداً إلى الله فيكون التقدير على الصورة التي خلقها الله وجعلها مشرفة مكرمة، وتسمى هذه الاضافة إضافة الملك والتشريف لا إضافة الجزئية كإضافة الكعبة إلى نفسه كقول الله تعالى لإبراهيم وإسماعيلأنَ طَهِراَ بَيتِيَ)اية125 ،لأن الله سبحانه وتعالى لا يوصف بالجسمية والجزئية فليس هو أصلاً لشىء ولا هو فرعاً عن شىء ولا يتحيز في جهة ومكان لأن التحيز للجسم اللطيف والكثيف.
[الخلقة التي خلق عليها سيدنا آدم]
خلق الله سيدناءادم جميل الشكل والصورة وحسن الصوت لأن جميع أنبياء الله الذين بعثهم الله لهداية الناس كانوا على صورة جميلة وشكل حسن وكذلك كانوا جميلي الصوت، قال صلى الله عليه وسلم( ما بعث الله نبيا إلا حسن الوجه حسن الصوت وإن نبيكم إحسنهم وجها وأحسنهم صوتا)).
ولقد كان طول سيدنا ادم عليه الصلاة والسلام ستين ذراعاً شبهه رسول الله في الطول بالنخلة السحُوق، فلما خلقه الله قال: اذهب فسلم على أولئك - نفر من الملائكة جلوس - فاستمع ما يُحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله. وكل من يدخل الجنة يكون على صورة ءادم في الطول فقد ورد في مسند الإمام أحمد بإسناد حسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أهل الجنة يدخلون الجنة على خلق ادم ستين ذراعاً في عرض سبعة أذرع.
روى الإمام أحمد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم((إن الله عز وجل لما صور ادم تركه ما شاء الله أن يتركه فجعل إبليس يُطيف به فلما راه أجوف عرف أنه خلق لا يتمالك))، وعند أبي يعلي(فكان إبليس يمر به فيقول:لقد خلقت لأمر عظيم)).
ففي هذا الحديث الصحيح دليل على أن إبليس كان في الجنة لما خلق ادم وذلك قبل أن يكفر لأنه كان مسلما يتعبد مع الملائكة ولم يكن منهم من حيث الجنس والأصل لأن الملائكة أصلهم النور وإبليس أصله من مارج من نار أي لهب النار، وفيه أن إبليس كان يدور حول هيكل ادم وذلك قبل أن ينفخ فيه الروح فرءاه أجوف أي شيئا غير مصمت بل له جوف، فعرف أنه خلق لا يتمالك أي ليس كالملائكة ولا كالجمادات بل هو أضعف من ذلك.
ومن الكذب الظاهر ما شاع من نظرية ابتدعها بعض الكفار وهي أن أصل البشر قرد أو يشبه القرد وهذا فيه تكذيب
لقوله تعالى:فسيدنا ادم عليه الصلاة والسلام هو أول إنسان خلقه الله تبارك وتعالىولم يكن أصله قرداً ثم ترقى حتى صار إنساناًفنظرية داروين التي تقول إن الإنسان أصله قرد ثم ترقى بسبب العوامل المجهولة حتى صار هذا الإنسان، هي نظرية باطلة لا تقوم على أساس علمي وتردها دلائل النقل وإن تلقفها المفتونون بكل جديد ولو كان سخيفاً باطلا.
وما جاء في القرءان من مسخ بعض اليهود قردة وخنازير فهو حالة نادرة جعلها الله تبارك وتعالى عذابا لليهود الذين اعتدوا في السبت وعصوا الله تبارك وتعالى وموعظة وعبرة للمتقين، قال الله تبارك وتعال في كتابه الحكيم: .
على أن أولئك الذين مسخهم الله تبارك وتعالى قردة لم يعيشوا طويلا بل عاشوا ثلاثة أيام ثم ماتوا ولم يتركوا نسلا من جنس ما مسخوا إليه.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم((حاج موسى ادم عليهما السلام فقال له: أنت الذي أخرجت الناس بذنبك من الجنة وأشقيتهم، قال ادم: يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه، أتلومني على أمر قد كتبه الله علي قبل أن يخلقني؟))قال صلى الله عليه وسلم ((فحج ءادمُ موسى)).
وأخرجاه أيضاً في الصحيح من طريق اخر وأحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم((احتج ادمُ وموسى، فقال له موسى: أنت ادم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة؟ فقال له ادمُ: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه ثم تلومني على أمر قد قدر علي قبل أن أُخلق؟)) قال صلى الله عليه وسلم ((فحج ادمُ موسى)).
وأخرجاه أيضاً في الصحيح من طريق اخر وأحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((احتج ادمُ وموسى فقال موسى: يا ادم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة فقال له ءادم: أنت موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟)) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فحج ادمُ موسى، فحج ادمُ موسى)).
وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((احتج ادمُ وموسى عليهما السلام عند ربهما فحج ادمُ موسى، قال موسى: أنت ادمًُ الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته وأسكنك في جنته، ثم أهبطتَ الناس يخطيئتك إلى الأرض؟، قال ادم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه، وأعطاك الألواح فيها تبيانُ كلّ شىء، وقربك نجيا فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أُخلق؟ قال موسى: بأربعين عاماً، فقال ادمُ: فهل وجدت فيها قال: نعم، قال: أفتلومُوني على أن عملتُ عملا كتبه الله علي أن أعمله قبل أن يخلقني بلأربعين سنة؟)) قال صلى الله عليه وسلم: ((فحج ادمُ موسى))، ورواه بنحوه ابن أبي حاتم.
وروى أبو داود في سننه وأبو يعلى في مسنده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن موسى قال: يا رب أرنا ادم الذي أحرجنا ونفسهُ من الجنة، فأراه الله ءادم فقال: أنت ابونا ادم؟ فقال له ادم: نعم، قال: أنت الذي نفخ الله فيك من روحه وعلمك الأسماء كلها وأمر الملائكة فسجدوا لك؟ قال: نعم، قال: فما حملك على أن أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ قال له ادم: ومن أنت؟ قال: أنا موسى، قال: أنت نبي بني إسرائيل الذي الذي كلمك الله من وراء الحجاب ولم يجعل بينك وبينه رسولا من خلقه؟ قال: نعم، قال: أفما وجدت أن ذلك كان في كتاب الله قبل أن أثخلق؟ قال: نعم، قال: فيم تلومني في شىء سبق من الله تعالى فيه القضاء قبلي؟ قال رسول الله عند ذلك: فحج ادم موسى، فحج ادم موسى)).
قال الإمام احمد : حدثنا يحيى ومحمد بن جعفر ، حدثنا عوف ، حدثني قسامة بن زهير، عن أبي موسى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم (( ان الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض ، فجاء منهم الأبيض و الأحمر و الأسود وبين ذلك ، والخبيث و الطيب ، والسهل و الحزن وبين ذلك ))
قال ابن حبان في صحيحه : حدثنا الحسن بن سفيان ، حدثنا هدبة بن خالد ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن انس بن مالك ، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( لما نفخ في آدم فبلغ الروح رأسه عطس ، فقال : الحمد لله رب العالمين ، فقال له تبارك وتعالى : يرحمك الله ))
عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لما خلق الله آدم مسح ظهرة ، فسقط من ظهرة كل نسمة هو خالقها من ذريته الى يوم القيامة ، وجعل بين عيني كل انسان منهم وبيصا من نور ، ثم عرضهم على آدم فقال: اي رب من هؤلاء؟ قال : هؤلاء ذريتك، فراى الرجل فأعجبه وبيص ما بين عينه ، فقال : اي رب من هذا ؟ فقال : هذا رجل آخر الأمم من ذريتك يقال له داود ، قال : رب وكم جعلت عمره؟ قال : ستين سنه ، قال : أي رب زده من عمري أربعين سنه . فلما انقضى عمر آدم جاءه ملك الموت ، قال : او لم يبق من عمري اربعون سنه؟ قال : أو لم تعطها ابنك داوود؟ قال : فجحد فجحدت ذريته ، ونسي آدم فنسيت ذريته ، وخطئ آدم فخطئت ذريته ))
قال الإمام أحمد في مسنده : حدثنا الهيثم بن خارجة ، حدثنا ابو ربيع عن يونس بن ميسرة ، عن أبي ادريس ، عن أبي الدرداء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( خلق الله آدم حين خلقه فضرب كتفه اليمنى، فأخرج ذريه بيضاء كأنهم الدر، وضرب كتفه اليسرى فأخرج ذريه سوداء كأنهم الحمم، فقال للذي في يمينه : الى الجنة ولا أبالي ، وقال للذي في كتفه اليسرى: الى النار ولا أبالي))
عن ابي هريرة رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا، ثم قال : اذهب فسلم على اولئك النفر من الملائكه، فاستمع ما يجيبونك، فإنها تحيتك وتحيه ذريتك، فقال: ا لسلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمه الله، فزادوه ورحمة الله، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم، فلم يزل الخلق ينقص منه حتى الآن))
عن ابي هريرة رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( واذا اقرأ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويله، أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار ))
ذكر ابن جرير عن ابن عباس: ان الله قال: يا آدم إن لي حرما بحيا عوشي، فانطلق فابن لي فيه بيتا، فطف به كما تطوف ملائكتي بعرشي، وأرسل الله له ملكا فعرفه مكانه وعلمه المناسك، وذكر ان موضع كل خطوة خطاها آدم صارت قربة بعد ذلك
وعنه ايضا قال: ان اول طعام أكله آدم في الأرض، ان جاءه جبريل بسبع حبات من حنطة، فقال: ما هذا؟ قال: هذا من شجرة التي نهيت عنها فأكلت منها، فقال: وما اصنع بهذا؟ قال: ابذره في الأرض، فبذره، وكان كل حبة منها زنتها أزيد من مائة الف، فنبتت فحصده، ثم درسه ثم ذراه، ثم طحنه ثم عجنه ثم خبزه، فأكله بعد جهد عظيم وتعب ونكد، وكان أول كسوتهما من شعر الضأن: جزاه ثم غزلاه، فنسج آدم له جبة، ولحواء درعا و خمارا، واختلفوا: هل ولد لهما بالجنة شيئ من الاولاد؟ فقيل: لم يولد لهما إلا في الأرض، وقيل: بل ولد فيها، فكان قابيل وأخته ممن ولد بها. والله اعلم.
وذكروا انه كان يولد له في كل بطن ذكر وانثى، وأمر أن يزوج كل ابن أخت أخيه التي ولدت معه، و الآخر بالآخرى وهلم جرا، ولم يكن تحل أخت لأخيها الذي ولدت معه
قال الله -تعالى-:{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ * فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [المائدة:27-31].
وقوله لما توعده بالقتل: {لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [المائدة:28] دل على خلق حسن، وخوف من الله -تعالى-، وخشية منه، وتورع أن يقابل أخاه بالسوء الذي أراد منه أخوه مثله.
ولهذا ثبت في «الصحيحين» عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: «إذا تواجه المسلمان بسيفيهما؛ فالقاتل والمقتول في النار».
قالوا: يا رسول الله! هذا القاتل؛ فما بال المقتول ؟! قال: «إنه كان حريصاً على قتل صاحبه».
وقوله: {إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} [المائدة:29]؛ أي: إني أريد ترك مقاتلتك- وإن كنت أشد منك وأقوى- إذ قد عزمت على ما عزمت عليه.
{تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ}؛ أي: تتحمل إثم قتلي مع ما لك من الآثام المتقدمة قبل ذلك؛ قاله مجاهد والسدي وابن جرير وغير واحد.
وليس المراد أن آثام المقتول تتحول بمجرد قتله إلى القاتل؛ كما قد توهمه بعض الناس؛ فإن ابن جرير حكى الإجماع على خلاف ذلك.
وأما الحديث الذي يورده بعض من لا يعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قال: « ما ترك القاتل على المقتول من ذنب»؛ فلا أصل له، ولا يعرف في شيء من كتب الحديث بسند صحيح ولا حسن ولا ضعيف أيضاً
ولكن قد يتفق في بعض الأشخاص يوم القيامة أن يطالب المقتول القاتل؛ فتكون حسنات القاتل لا تفي بهذه المظلمة؛ فتحول من سيئات المقتول إلى القاتل؛ كما ثبت به الحديث الصحيح في سائر المظالم، والقتل من أعظمها. والله أعلم.
عن سعد بن أبي وقاص: أنه قال عند فتنة عثمان بن عفان: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنها ستكون فتنة: القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الساعي ».
قال: أفرأيت إن دخل علي بيتي فبسط يده إلي ليقتلني؛ قال: «كن كابن آدم»
عن حذيفة بن اليمان مرفوعاً، وقال: «كن كخير ابني آدم»
وأما الآخر؛ فقد قال ابن مسعود: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقتل نفس ظلماً؛ إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها؛ لأنه كان أول من سن القتل»
وبجبل قاسيون شمالي دمشق مغارة يقال لها: مغارة الدم، مشهورة بأنها المكان الذي قتل قابيل أخاه هابيل عندها، وذلك مما تلقوه عن أهل الكتاب؛ فالله أعلم بصحة ذلك
وقوله -تعالى-:{فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [المائدة:31].
ذكر بعضهم: أنه لما قتله؛ حمله على ظهره ولم يزل كذلك حتى بعث الله غرابين، فتقاتلا؛ فقتل أحدهما الآخر، فلما قتله؛ عمد إلى الأرض يحفر له فيها، ثم ألقاه ودفنه وواراه؛ فلما رآه يصنع ذلك؛ {قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [المائدة:31]؛ ففعل مثل ما فعل الغراب؛ فواراه ودفنه.
وقد ذكر : أن قابيل عوجل بالعقوبة يوم قتل أخاه، تنكيلاً به، وتعجيلاً؛ لذنبه وبغيه وحسده لأخيه؛ لأبويه.
وقد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه قال: « ما من ذنب أجدر أن يجعل الله عقوبته في الدنيا مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم»
ثم انتشر الناس بعد ذلك وكثروا، وامتدوا في الأرض ونموا؛ كما قال -تعالى-:{يأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1].
ومعنى شيث: هبة الله، وسمياه بذلك لأنهما رزقاه بعد أن قتل هابيل.
قال أبو ذر في حديثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الله أنزل مائة صحيفة وأربع صحف، على شيث خمسين صحيفة» .
قال مُحَمْد بن إسحاق: ولما حضرت آدم الوفاة عهد إلى ابنه شيث وعلمه ساعات الليل والنهار، وعلمه عبادات تلك الساعات، وأعلمه بوقوع الطوفان بعد ذلك.
قال: ويقال أن أنساب بني آدم اليوم كلها تنتهي إلى شيث، وسائر أولاد آدم غيره انقرضوا وبادوا. والله أعلم.ولما توفي آدم عليه السلام - وكان ذلك يوم الجمعة - جاءته الملائكة بحنوط، وكفن من عند الله عز وجل من الجنَّة، وعزوا فيه ابنه ووصيه شيثاً عليه السلام. قال ابن اسحاق: وكسفت الشمس والقمر سبعة أيام بلياليهن.
وقد قال عبد الله ابن الإمام أحمد: حَدَّثَنا هدبة بن خالد، حَدَّثَنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن، عن يحيى - هو ابن ضمرة السعدي - قال: رأيت شيخاً بالمدينة يتكلم فسألت عنه فقالوا هذا أُبَيّ بن كَعب، فقال: إن آدم لما حضره الموت قال لبنيه: أي بني، إني أشتهي من ثمار الجنَّة. قال: فذهبوا يطلبون له، فاستقبلتهم الملائكة ومعهم أكفانه وحنوطه، ومعهم الفؤوس والمساحي والمكاتل، فقالوا لهم: يا بني آدم ما تريدون وما تطلبون؟ أو ما تريدون وأين تطلبون؟ قالوا: أبونا مريض واشتهى من ثمار الجنَّة، فقالوا لهم: ارجعوا فقد قضي أبوكم. فجاءوا فلما رأتهم حَوَّاء عرفتهم فلاذت بآدم، فقال: إليك عني فإني إنما أتيت من قبلك، فخلي بيني وبين ملائكة ربي عز وجل. فقبضوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه، وحفروا له ولحدوه وصلوا عليه ثم أدخلوه قبره فوضعوه في قبره، ثم حثوا عليه، ثم قالوا: يا بني آدم هذه سنتكم. إسناد صحيح إليه.
وروى ابن عساكر من طريق شيبان بن فروخ، عن مُحَمْد بن زياد، عن ميمون بن مهران، عن ابن عبَّاس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كبرت الملائكة على آدم أربعاً، وكبر أبو بكر على فاطمة أربعاً، وكبر عمر على أبي بكر أربعاً، وكبر صهيب على عمر أربعاً» .
قال ابن عساكر: ورواه غيره عن ميمون فقال عن ابن عمر.
واختلفوا في موضع دفنه: فالمشهور أنه دفن عند الجبل الذي أهبط عليه في الهند، وقيل بجبل أبي قبيس بمكة. ويقال إن نوحاً عليه السلام لما كان زمن الطوفان حمله هو وحَوَّاء في تابوت، فدفنهما ببيت المقدس. حكى ذلك ابن جرير.
وروى ابن عساكر عن بعضهم أنه قال: رأسه عند مسجد إبراهيم ورجلاه عند صخرة بيت المقدس. وقد ماتت بعد حَوَّاء بسنة واحدة.
واختلف في مقدار عمره عليه السلام: فقدمنا في الحديث عن ابن عبَّاس وأبي هريرة مرفوعاً: أن عمره اكتتب في اللوح المحفوظ ألف سنة.
وهذا لا يعارضه ما في التوراة من أنه عاش تسعمائة وثلاثين سنة، لأن قولهم هذا مطعون فيه مردود، إذا خالف الحق الذي بأيدينا مما هو المحفوظ عن المعصوم.
وأيضاً فإن قولهم هذا يمكن الجمع بينه وبين ما في الحديث: فإن ما في التوراة - إن كان محفوظاً - محمول على مدة مقامه في الأرض بعد الإهباط، وذلك تسعمائة سنة وثلاثون سنة شمسية، وهي بالقمرية تسعمائة وسبع وخمسون سنة، ويضاف إلى ذلك ثلاث وأربعون سنة مدة مقامه في الجنَّة قبل الإهباط على ما ذكره ابن جرير وغيره، فيكون الجميع ألف سنة.
وقال عطاء الخراساني: لما مات آدم بكت الخلائق عليه سبع أيام. رواه ابن عساكر.
فلما مات آدم عليه السلام قام بأعباء الأمر بعده ولده شيث عليه السلام وكان نبياً بنص الحديث الذي رواه ابن حبان في «صحيحه» ، عن أبي ذر مرفوعاً أنزل عليه خمسون صحيفة.
فلما حانت وفاته أوصى إلى أبنه أنوش فقام بالأمر بعده، ثم بعده ولده قينن ثم من بعده ابنه مهلاييل - وهو الذي يزعم الأعاجم من الفرس أنه ملك الأقاليم السبعة، وأنه أول من قطع الأشجار، وبنى المدائن والحصون الكبار، وأنه هو الذي بنى مدينة بابل ومدينة السوس الأقصى وأنه قهر إبليس وجنوده وشردهم عن الأرض إلى أطرافها وشعاب جبالها وأنه قتل خلقاً من مردة الجن والغيلان، وكان له تاج عظيم، وكان يخطب الناس ودامت دولته أربعين سنة.
فلما مات قام بالأمر بعده ولده يرد فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ولده خنوخ، وهو إدريس عليه السلام على المشهور.
المصدر: منتديات عالم الزين
via منتديات عالم الزين http://ift.tt/2AA6uzK
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire